Skip to main content

منظمة رصد تقدم إحاطة في مجلس الأمن بالأمم المتحدة

قدم ممثل منظمة رصد الجرائم في ليبيا، يوم الاثنين 16 ديسمبر، إحاطة أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة حول أزمة حقوق الإنسان المتفاقمة في…
| ,
منظمة رصد تقدم إحاطة في مجلس الأمن بالأمم المتحدة
منظمة رصد تقدم إحاطة في مجلس الأمن بالأمم المتحدة

قدم ممثل منظمة رصد الجرائم في ليبيا، يوم الاثنين 16 ديسمبر، إحاطة أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة حول أزمة حقوق الإنسان المتفاقمة في ليبيا، على هامش الجلسة (9815) حول الحالة في ليبيا.  

فيما يلي الإحاطة:

السيدة رئيسة مجلس الأمن، السيدات والسادة الأعضاء، 

شكرًا لكم على إتاحة هذه الفرصة للتحدث أمامكم اليوم. اسمي علي عمر، وأنا ناشط ليبي ومدافع عن حقوق الإنسان، وسجين رأي سابق، أتحدث إليكم من المنفى، بصفتي مدير منظمة رصد الجرائم في ليبيا، المكرسة منذ أكثر من خمس سنوات لرصد وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان في ليبيا والدعوة إلى المحاسبة. أتحدث إليكم اليوم لإيصال أمانة أصوات الضحايا والناجين، أولئك الذين يعانون بصمت تحت وطأة الجرائم والانتهاكات اليومية في ليبيا. 

منذ بداية هذا العام، وثقت منظمة رصد 281 انتهاكًا جسيمًا لحقوق الإنسان، ارتكبتها السلطات في شرق وغرب ليبيا. هذه الأرقام ليست مجرد إحصاءات، بل تعكس قصصًا مؤلمة ومآسي حقيقية لضحايا، من بينهم الفئات الأكثر ضعفًا، كالنساء والمهاجرين، بالإضافة إلى النشطاء، والصحفيين، والمحامين، وغيرهم. من بين هذه الانتهاكات التعذيب داخل السجون، الاعتقالات التعسفية، الاختفاء القسري، والقتل خارج نطاق القانون. هذه الممارسات لا تدمر حياة الأفراد وعائلاتهم فحسب، بل تزرع الرعب في قلوب المجتمع بأسره، وتقوض أي أمل في تحقيق السلام. 

هذه الجرائم المروعة ليست أفعالًا فردية، بل هي ممنهجة ومتكررة، تنفذها وتشرف عليها أجهزة أمنية ومجموعات عسكرية تابعة لجميع أطراف النزاع في ليبيا، من بينها القوات المسلحة العربية الليبية، وحكومة الوحدة الوطنية، والحكومة الليبية المعتمدة من مجلس النواب في شرق البلاد، والمجلس الرئاسي الليبي. 

السيدة رئيسة المجلس، 

السجون، ومراكز الاحتجاز غير الرسمية، تمثل ظاهرة خطيرة ومستمرة. في هذه الأماكن تُسلب الكرامة الإنسانية، ويُعامل البشر كأنهم أرقام بلا قيمة. ومن الأمثلة الأخيرة على الجرائم المروعة داخل هذه السجون، في نوفمبر الماضي، وثقت منظمة رصد مقتل ثلاثة معتقلين تحت التعذيب في سجن غير رسمي بمدينة بنغازي، بينهم امرأة واثنان من أتباع المذهب الصوفي، وهي احدى الأقليات الدينية التي تتعرض لانتهاكات ممنهجة منذ سنوات. 

السيدة الرئيسة، السيدات والسادة الأعضاء، 

المجتمع المدني في ليبيا هو الآخر مايزال يعاني قمعًا ممنهجًا وترهيبًا مستمرًا. في هذا العام وحده، وثقت منظمة رصد اعتقال أكثر من 50 ناشطًا وناشطة من قبل أجهزة أمنية وعسكرية في شرق وغرب ليبيا بتهم فضفاضة، تبررها قوانين قمعية مثل قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية. كما صدرت عديد قرارات وتشريعات تضيق على عمل المنظمات المحلية والدولية، وتجعل من العمل المدني من داخل ليبيا شبه مستحيل، وأجبرت كثير من النشطاء على الهروب والعمل من المنفى. 

في أكتوبر 2023، حسب سجلات منظمة رصد اعتُقل خمسة نشطاء سياسيين في بنغازي من قبل جهاز الأمن الداخلي لمدة عشرة أشهر دون محاكمة. وفي أبريل من هذا العام، قُتل أحد هؤلاء المعتقلين في ظروف غامضة داخل السجن، ولم يجر أي تحقيق في الواقعة. 

وحتى الآن، مازالت حرية التعبير في ليبيا تُعتبر تهمة. في سبتمبر الماضي، اعتقلت الأجهزة الأمنية في شرق البلاد 16 شخصًا، بينهم أربعة أطفال، بسبب مشاركتهم في مسيرة مؤيدة للنظام السابق. وفي أعقاب كارثة انهيار سدي درنة، في سبتمبر 2023 اعتُقل متظاهرون بسبب تعبيرهم عن رأيهم ومطالبتهم بمحاسبة المسؤولين عن الفساد والإهمال الذي أدى لمقتل الآلاف الأبرياء من مدينة درنة.  

ومع تفويض هذا المجلس لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بمهمة تنظيم الانتخابات، فإن ضمان بيئة آمنة ومواتية لإجراء انتخابات حرة بات أمرًا ملحًا. يشمل ذلك حماية الحق الأساسي في حرية التعبير واشراك الجميع، من بينهم الفئات الهشة والأقليات والمجتمع المدني، وهو شرط لا غنى عنه لضمان نزاهة الانتخابات في ليبيا. 

السيدة الرئيسة، 

إن استمرار هذه الانتهاكات يشكل تهديدًا خطيرًا للسلم المجتمعي وللاستقرار في ليبيا. الانقسام السياسي واستمرار الأجسام فاقدة الشرعية يعمقان الأزمة ويعطلان عملية المساءلة.  

إن فشل العمليات السياسية التي شهدناها حتى الآن، أطال أمد الصراع وخلق بيئة خصبة للإفلات من العقاب. لهذا، حان الوقت لكي يجرب مجلس الأمن طريق أخر وهو طريق المحاسبة.  

كيف يمكن لبلدٍ يقبع فيه متهمون بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية على سدة المناصب العليا في السلطة، كيف له أن ينظم انتخابات نزيهة وشفافة؟ إن المجتمع المدني في ليبيا والحراك الحقوقي في الشتات، يطالب بأن تكون المحاسبة هي الأولوية قبل أي عملية انتخابية. لا يمكن نجاح أي عملية سياسية في ظل تغييب العدالة وتفشي الإفلات من العقاب. 

السيدة الرئيسة، السيدات والسادة الأعضاء، 

ندعو مجلس الأمن والدول الأعضاء إلى اتخاذ خطوات حازمة لوضع حد لحالة الصراع والانقسام السياسي المطول في ليبيا. يجب أن تكون المساءلة أولوية قصوى قبل أي عملية سياسية أو انتخابات. من هذا المنطلق، نطالب بدعم إنشاء آلية دولية مستقلة للتحقيق في الانتهاكات وضمان محاسبة المسؤولين عنها. هذه الآلية ستكون ضرورية لتحديد الأفراد الذين يستغلون حالة الإفلات من العقاب ويعملون على تعطيل العملية السياسية ومسار العدالة الانتقالية، ولضمان توفير بيئة مناسبة تُمكن الأمة الليبية من اختيار مستقبلها عبر انتخابات حرة ونزيهة تمثل تطلعات الجميع. 

كما ندعو مجلس الأمن إلى تعزيز تفويض بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بحيث تركز بشكل أكبر على حماية حقوق الإنسان ومراقبة الانتهاكات، والعمل بشكل مباشر مع السلطات الليبية في الشرق والغرب لوقف الاعتقالات التعسفية والتعذيب في السجون ومراكز الاحتجاز غير الرسمية وإخلاء سبيل جميع المعتقلين تعسفيا والكشف عن مصير المختفين قسريا. 

ونشدد على ضرورة أن يعمل مجلس الأمن والدول الأعضاء بشكل مشترك لحث السلطات الليبية في الشرق والغرب وجميع أطراف النزاع على وقف الانتهاكات والجرائم الدولية المستمرة، وضمان حماية المجتمع المدني، وإنهاء حملات القمع ضد المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء. لا يمكن بناء مستقبل مستقر وآمن لليبيا دون احترام الحريات الأساسية، بما في ذلك حرية التعبير والتجمع السلمي. 

ختامًا،  

السيدة الرئيسة، السيدات والسادة أعضاء مجلس الأمن، 

أطلب منكم أن تنظروا في أعين الضحايا، أن تسمعوا أصواتهم. فقراراتكم اليوم قد تحدث فرقًا حقيقيًا في حياة الملايين. 

شكرًا لكم.