Skip to main content

بيان: ليبيا تقبل اختصاص المحكمة الجنائية الدولية وسط الانقسام والإفلات من العقاب 

تابعت منظمة رصد الجرائم في ليبيا (“رصد”) الإعلان الصادر عن المحكمة الجنائية الدولية في 12 مايو 2025 بشأن قبول حكومة الوحدة الوط…
|
مبنى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، هولندا.
مبنى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، هولندا.

تابعت منظمة رصد الجرائم في ليبيا (“رصد”) الإعلان الصادر عن المحكمة الجنائية الدولية في 12 مايو 2025 بشأن قبول حكومة الوحدة الوطنية باختصاص المحكمة، بموجب المادة 12(3) من نظام روما الأساسي، التي تتيح للدول غير الأطراف قبول اختصاص المحكمة طوعيًا في إطار زمني أو موضوعي محدد. ويتعلق هذا الإعلان بجرائم تدخل في اختصاص المحكمة، ارتُكبت على الأراضي الليبية بين عاميْ 2011 و2027. 

جاءت هذه الخطوة بعد حوالي أربعة عشر عامًا من منح المحكمة الاختصاص في ليبيا بموجب قرار مجلس الأمن رقم 1970 (2011)، وفي توقيت تزامن مع اندلاع اشتباكات مسلحة واحتجاجات شعبية ضد حكومة الوحدة الوطنية في غرب ليبيا، واستمرار الانقسام وفشل السلطات في وضع حد للانتهاكات الجسيمة وضمان محاسبة مرتكبيها محليًا. 

ورغم أن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية قائم بالفعل منذ عام 2011، إلا أن قبول حكومة الوحدة الوطنية الرسمي يُعدّ تأكيدًا مباشرًا على التزامها القانوني بالتعاون الكامل وغير المشروط مع المحكمة، بما في ذلك تسليم المطلوبين الصادرة بحقهم مذكرات توقيف، وتسهيل مهام التحقيق. 

كما تابعت رصد رفض لجنة العدل والمصالحة الوطنية بمجلس النواب الليبي لهذا الإعلان، الذي يعكس عمق الانقسام السياسي بين السلطات في شرق وغرب البلاد، ويهدد بإفراغ الإعلان من مضمونه العملي، ويُسهّل تسييس مسار العدالة الدولية بدلًا من ترسيخه كأداة لضمان حقوق الضحايا وتحقيق العدالة. إن استمرار هذا الانقسام يفاقم الإفلات من العقاب، ويُعيق أي تقدم في مسارات المساءلة والمحاسبة. 

تواصل السلطات في شرق وغرب ليبيا منذ سنوات ادعاء التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية، إلا أن هذا التعاون ظلّ شكليًا ومحدودًا، واقتصر على التصريحات الإعلامية والزيارات الرسمية دون أي أثر عملي ملموس. بل تواطأت بشكل مباشر وسهّلت إفلات مطلوبين من العدالة الدولية، مثلما حدث في قضية أسامة نجيم، المطلوب لدى المحكمة، الذي اعتُقل في تورينو بإيطاليا في يناير 2025، لتقوم حكومة الوحدة الوطنية والنائب العام الليبي بمخاطبة السلطات الإيطالية للمطالبة بمنع تسليمه إلى المحكمة الجنائية الدولية وإعادته إلى ليبيا بدلًا من ذلك. 

تعد واقعة نجيم نموذجًا يؤكد مجددًا أن القضاء الوطني الليبي لم يُجرِ أي محاكمات جادة وشفافة للمتهمين بارتكاب جرائم دولية، ويفتقر إلى الرغبة والاستقلالية والفاعلية، مما يجعله شريكًا في تسهيل إفلات الجناة من العدالة، ويؤكد استحالة تطبيق مبدأ التكامل بين المحكمة الجنائية الدولية والقضاء الوطني في السياق الليبي الحالي. 

وقال علي عمر، مدير منظمة رصد: 

“نرحب من حيث المبدأ بأي خطوة تعزز التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية، لكن هذا الإعلان يظل بلا قيمة ما لم يصاحبه تسليم المطلوبين. فلا يمكن الحديث عن جدية السلطات في شرق وغرب ليبيا في ظل استمرار الجرائم وتفشي الإفلات من العقاب.” 

في ضوء ما سبق، توصي منظمة رصد الجرائم في ليبيا (“رصد”) بما يلي: 

  • تطالب رصد السلطات في شرق وغرب ليبيا بالامتثال الفوري لالتزاماتها الدولية، وفي مقدمتها تسليم كافة المطلوبين الصادرة بحقهم مذكرات توقيف من المحكمة الجنائية الدولية دون أي تأخير أو تسييس. 
  • تطالب رصد السلطات في شرق وغرب ليبيا بتقديم خطة تعاون واضحة ومحددة زمنيًا مع المحكمة الجنائية الدولية، تضمن الوصول الكامل والآمن لفرق التحقيق إلى جميع المواقع والوثائق والشهود في مختلف أنحاء ليبيا. 
  • تحث رصد مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية على التراجع على إنهاء التحقيقات في الوضع في ليبيا مع نهاية 2025، بل العمل على توسيعها بشكل جدي وعاجل لتشمل الجرائم الدولية المستمرة، مع التركيز على الانتهاكات الأشد خطورة، بما في ذلك التعذيب، والإخفاء القسري، والقتل خارج نطاق القانون، خاصة تلك المرتكبة ضد الفئات المستضعفة. 
  • تدعو رصد الدول الأطراف في نظام روما الأساسي إلى دعم جهود المحكمة في ليبيا لضمان استمرار التحقيقات ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم الجسيمة وإنهاء ظاهرة الإفلات من العقاب.