Skip to main content

تقرير: انتهاكات حقوق الإنسان في ليبيا خلال شهر اغسطس 2025

المقدمة خلال شهر أغسطس، استمرت الانتهاكات الجسيمة ضد المدنيين في ليبيا المرتكبة من قبل أجهزة أمنية وجماعات مسلحة تابعة للسلطات في شرق وغرب…
| ,
جماعة مسلحة أمام مركز اقتراع في بلدية تاجوراء – المصدر: مواقع التواصل الاجتماعي
جماعة مسلحة أمام مركز اقتراع في بلدية تاجوراء – المصدر: مواقع التواصل الاجتماعي

المقدمة

خلال شهر أغسطس، استمرت الانتهاكات الجسيمة ضد المدنيين في ليبيا المرتكبة من قبل أجهزة أمنية وجماعات مسلحة تابعة للسلطات في شرق وغرب ليبيا، شملت القتل خارج نطاق القانون، القتل غير المشروع، الاعتقال التعسفي، الاختفاء القسري، واعتداءات ضد العملية الانتخابية، وسط غياب أي خطوات جادة وفعالة للتحقيق والمحاسبة من قبل السلطات في شرق وغرب ليبيا. 

وثّق فريق رصد الميداني خلال الشهر الاعتقال التعسفي لخمسة (5) مدنيين بينهم مدوّن وأربعة موظفين حكوميين، وذلك من مدينتيْ سرت وسبها. كما وثّق مقتل مدنيَّين (2)، أحدهما طفل، نتيجة إطلاق نار في مدينتيْ الكفرة وغريان، وإصابة تسعة عشر (19) مدنيًا في حوادث متفرقة، منها انفجار مخزن ذخيرة بمدينة مصراتة، وإصابة مدنيين خلال إطلاق نار عشوائي في مدينة زليتن. 

كما سجل الفريق الميداني العثور على ثلاث (3) جثث مجهولة الهوية يُعتقد أنها تعود لمهاجرين على شواطئ البحر في مدينتيْ طبرق وصبراتة، وذلك عقب حوادث غرق متفرقة لقوارب كانت تقل مهاجرين في طريقهم نحو أوروبا، كما سجّل العثور على جثة (1) لمهاجر سوداني في طريق تهريب صحراوية بمدينة إجدابيا، في ظل استمرار فشل السلطات في اتخاذ التدابير اللازمة لحماية المهاجرين. 

وكذلك، وثق الفريق الميداني خلال شهر أغسطس تدخلات أمنية ممنهجة أدت إلى عرقلة للعملية الانتخابية بالمجالس البلدية في شرق وجنوب وغرب ليبيا، حيث ألغي تعسفيًا الاقتراع في ثلاث عشرة (13) بلدية بشرق ووسط ليبيا، وتعرضت مخازن المفوضية الوطنية العليا للانتخابات لهجوم مسلح في مدينة الزاوية ما أثر على انتخابات المجالس البلدية في أربع (4) بلديات. 

تُحمّل منظمة رصد الجرائم في ليبيا (“رصد”) المسؤولية الكاملة عن الانتهاكات المذكورة لكلّ من جهازيْ الأمن الداخلي التابعان للمجلس الرئاسي الليبي والحكومة الليبية المعتمدة من مجلس النواب، ومديرية أمن الكفرة التابعة لوزارة الداخلية بالحكومة الليبية، واللواء 444 التابع لوزارة الدفاع بحكومة الوحدة الوطنية، وكذلك الجماعات المسلحة المسؤولة عن مخزن الذخيرة المعروف بـ (“الداو”) بمدينة مصراتة والموالية لحكومة الوحدة الوطنية، وذلك باعتبارها الجهات المسؤولة بشكل مباشر أو غير مباشر عن ارتكاب هذه الانتهاكات، أو الإخفاق في منعها ومحاسبة مرتكبيها. 

وتؤكد رصد أن ما ورد في هذا التقرير لا يعكس كل الانتهاكات المرتكبة خلال الشهر، ويقتصر هذا التقرير على الحالات التي تمكن فريق رصد الميداني من توثيقها والتحقق منها، بعد الحصول على الموافقة المستنيرة من الضحايا أو ذويهم، مع مراعاة السرية وتجنب أي مخاطر محتملة. 

التفاصيل

    7 أغسطس 

    في السابع من أغسطس، وثقت منظمة رصد الاعتقال التعسفي للمدون محمد فرج سلطان القذافي (30 عامًا)، بعد اقتحام منزله في مدينة سبها من قِبَل أفراد تابعين لفرع جهاز الأمن الداخلي بالمدينة، التابع للحكومة الليبية المعتمدة من مجلس النواب، وتمت مصادرة مقتنياته الشخصية، واقتياده إلى جهة غير معلومة قبل أن ينقطع الاتصال به، وما يزال مختفيًا قسريًا حتى صدور هذا التقرير. 

    9 أغسطس 

    سجلت منظمة رصد، في التاسع من أغسطس، العثور على جثة (1) متحللة مجهولة الهوية، على شاطئ البحر قرب منطقة القعرة شرق مدينة طبرق، يُعتقد أنها تعود لمهاجر، وتم انتشالها من قِبَل فرع الإدارة العامة لأمن السواحل طبرق، ونقلها إلى مركز درنة الطبي لاستكمال الإجراءات القانونية. 

    12 أغسطس 

    في الثاني عشر من أغسطس، رصدت منظمة رصد إصابة المدنيين جبريل عبد السلام دهيورة وزوجته بشظايا قذيفة سقطت على منزلهما في حي كادوش بمدينة زليتن، نتيجة هجوم مسلح نفذه مجهولون قرب منزلهما استهدف مكتب الإدارة الانتخابية زليتن التابع للمفوضية الوطنية العليا للانتخابات. 

    وفي السياق ذاته، رصدت منظمة رصد استهداف مبنى مكتب الإدارة الانتخابية بإطلاق النار والقذائف من قِبَل مجهولون، وذلك قبل خمسة أيام من بدء عملية الاقتراع لانتخابات المجلس البلدي زليتن، ما أدى إلى أضرار مادية في المبنى، فيما لم تعلن السلطات في غرب ليبيا عن اتخاذ أي إجراءات بشأن الواقعة حتى صدور هذا التقرير. 

    13 أغسطس 

    وثقت منظمة رصد، في الثالث عشر من أغسطس، الاعتقال التعسفي لأربعة (4) من أعضاء المجلس البلدي هراوة شرق مدينة سرت، من قِبَل أفراد تابعين لجهاز الأمن الداخلي بالمدينة، التابع للحكومة الليبية المعتمدة من مجلس النواب، وذلك على خلفية تواصلهم مع حكومة الوحدة الوطنية ومخالفة تعليمات الحكومة الليبية، قبل أن يتم إخلاء سبيلهم في ذات اليوم. 

    وجاء اعتقالهم بعد مضايقات وتقييد متواصل من جهاز الأمن الداخلي منذ انتخابهم ضمن المجموعة الأولى في انتخابات المجلس البلدي في نوفمبر 2024، شملت عرقلة أداء مهامهم ومنعهم من الوصول إلى مقر المجلس، على خلفية أدائهم اليمين القانونية أمام وزير الحكم المحلي بحكومة الوحدة الوطنية. 

    14 أغسطس 

    في الرابع عشر من أغسطس وثقت منظمة رصد مقتل الطفل سامي عبد الكريم الحراري (10 أعوام)، وإصابة عمه، علي سالم الحراري برصاصة في البطن، وذلك بعد إطلاق النار على سيارتهما في نقطة أمنية قرب جسر جندوبة بين منطقتيْ الأصابعة وغريان، من قِبَل مسلحين تابعين للواء 444 التابع لوزارة الدفاع بحكومة الوحدة الوطنية، بينما كانا في طريقهما للإبلاغ عن سرقة تعرض لها منزل عائلتهما. 

    15 أغسطس 

    وثقت منظمة رصد في الخامس عشر من أغسطس إلغاء الاقتراع في ست عشرة (16) بلدية بشرق ووسط ليبيا، بناءً على أوامر شفهية من جهاز الأمن الداخلي التابع للحكومة الليبية المعتمدة من مجلس النواب، وُجّهت إلى مسؤولي الدوائر الانتخابية. 

    وجاءت هذه الإجراءات في سياق واسع وممنهج من التدخلات الأمنية التي أدت الى عرقلة العملية الانتخابية؛ إذ منعت الأجهزة الأمنية التابعة للحكومة نفسها في يوليو الماضي توزيع بطاقات الناخبين في عشر دوائر بشرق وجنوب ليبيا على الأقل. وقد أدت كل هذه التدخلات إلى منع إجراء الانتخابات في ستةٍ وعشرين بلدية في مناطق نفوذ الحكومة الليبية المعتمدة من البرلمان. 

    وفي ذات التاريخ، الخامس عشر من أغسطس، رصدت منظمة رصد هجومًا مسلحًا من مجهولين وإشعال حرائق في مخازن المفوضية الوطنية العليا للانتخابات بمدينة الزاوية، ما أدى إلى إتلاف المواد الانتخابية وتأجيل الاقتراع في بلديات الزاوية وصبراتة وصرمان وبئر الغنم. ولم تعلن حكومة الوحدة الوطنية ولا مكتب النائب العام عن فتح أي تحقيق في الواقعة حتى صدور هذا التقرير. 

    25 أغسطس 

    رصدت منظمة رصد، في الخامس والعشرين من أغسطس، العثور على جثة (1) متحللة مجهولة الهوية على شاطئ البحر قرب مجمع مليتة للنفط والغاز بمدينة صبراتة، يُعتقد أنها تعود لمهاجر، وتم انتشالها من قِبَل الهلال الأحمر الليبي فرع صبراتة، ونقلها إلى مستشفى صبراتة التعليمي لاستكمال الإجراءات القانونية. 

    وفي ذات التاريخ، الخامس والعشرين من أغسطس، سجلت منظمة رصد العثور على جثة (1) تعود لمهاجر سوداني في إحدى طرق التهريب الصحراوية بمنطقة انتلات البيضان شرق مدينة أجدابيا، وتم انتشالها من قِبَل الهلال الأحمر الليبي فرع أجدابيا بالتنسيق مع مركز شرطة انتلات البيضان، ونقلها إلى المستشفى لاستكمال الإجراءات القانونية. 

    28 أغسطس 

    في الثامن والعشرين من أغسطس، وثقت منظمة رصد مقتل ياسين إبراهيم موسى التباوي (24 عامًا) في مستشفى بمدينة بنغازي متأثرًا بإصابته، وذلك بعد أحد عشر يومًا من استهداف سيارته بإطلاق نار في مدينة الكفرة يوم 18 أغسطس، من قِبَل مسلحين تابعين لمديرية أمن الكفرة التابعة لوزارة الداخلية بالحكومة الليبية المعتمدة من مجلس النواب. 

    30 أغسطس 

    رصدت منظمة رصد في الثلاثين من أغسطس العثور على جثة (1) متحللة مجهولة الهوية على شاطئ البحر في منطقة باب الزيتون بمدينة طبرق، وتم انتشالها من قِبَل الهلال الأحمر الليبي فرع طبرق ومؤسسة العابرين لمساعدة المهاجرين والخدمات الإنسانية، بالتنسيق مع الإدارة العامة لأمن السواحل طبرق، وتم نقل الجثة إلى مركز طبرق الطبي لاستكمال الإجراءات القانونية. 

    31 أغسطس 

    في الحادي والثلاثين من أغسطس، رصدت منظمة رصد إصابة ستة عشر (16) مدنيًا على الأقل بإصابات خفيفة ومتوسطة نتيجة تطاير الشظايا والمقذوفات أصابت عدة منازل ومبانٍ مدنية في حي السكيرات السكني بمدينة مصراتة، بعد انفجار مخزن للذخيرة والأسلحة المعروف بـ (“الداو”) داخل الحي، والتابع لجماعات مسلحة موالية لحكومة الوحدة الوطنية، مخلفًا كذلك أضرارًا مادية في محيط الموقع. 

    التوصيات 

      • تطالب منظمة رصد الجرائم في ليبيا (“رصد”) السلطات في شرق وغرب ليبيا إلى وقف كافة العمليات العسكرية، وإنهاء التواجد المسلح داخل المناطق السكنية أو بالقرب من المنشآت المدنية. كما تدعو رصد النائب العام الليبي إلى فتح تحقيقات مستقلة وشفافة في الحوادث الناجمة عن إطلاق النار العشوائي أو انفجار مخازن الذخيرة في مناطق مأهولة، وضمان مساءلة المسؤولين عنها وفقًا للمعايير الدولية. 
      • تطالب رصد النائب العام الليبي إلى فتح تحقيقات فورية ومستقلة في عرقلة العملية الانتخابية، بما في ذلك التدخلات الأمنية والاعتداءات على المقرات، مع تحديد المسؤولين وضمان محاسبتهم. كما تدعو رصد السلطات في شرق وغرب ليبيا إلى الامتناع عن أي تدخل في أعمال المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، واحترام استقلاليتها، وضمان حماية موظفيها ومقارها، وتمكينها من أداء مهامها بأمان، وضمان احترام الحق في المشاركة السياسية المكفول بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان. 

      • تطالب رصد السلطات في شرق وغرب ليبيا إلى احترام الحقوق والحريات الأساسية المكفولة بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، بما في ذلك الحق في حرية الرأي والتعبير وحرية التجمع السلمي. كما تحثها على الوقف الفوري للاعتقال التعسفي والاستهداف الممنهج للمدنيين، ولا سيما النشطاء والمعارضين السلميين، باعتبار أن هذه الممارسات تمثل خرقًا جسيمًا للحقوق الأساسية، وتُكرّس مناخ الخوف وتفاقم ثقافة الإفلات من العقاب. 

      • تطالب رصد النائب العام الليبي بفتح تحقيقات مستقلة وشفافة في جميع الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك القتل خارج نطاق القانون، والقتل غير المشروع، والاعتقال التعسفي، والاختفاء القسري، والاختطاف، والتعذيب داخل أماكن الاحتجاز الرسمية وغير الرسمية، وضمان محاسبة المسؤولين عنها وفقًا للمعايير الدولية للمحاكمة العادلة.  
      • تجدد رصد مطالبتها للسلطات في ليبيا بتحمل مسؤولياتها في حماية أرواح المهاجرين على طول مسارات الهجرة في الصحراء والبحر، والتعاون مع المنظمات الدولية المختصة من أجل إنشاء آليات فعالة للبحث والإنقاذ، وتحديد مصير المفقودين، وضمان التعرف على الهويات والرفات البشرية. كما تطالب رصد بفتح تحقيق مستقل وشفاف في حوادث الغرق والانتهاكات المرتبطة بالاتجار بالبشر، ومحاسبة المتورطين فيها بما يتماشى مع المعايير الدولية للمساءلة. 
      • تناشد رصد مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إلى إعادة النظر في قراره بوقف التحقيقات في ليبيا بحلول نهاية عام 2025، لما قد يترتب على ذلك من ترسيخ لحالة الإفلات من العقاب، في ظل غياب الإرادة والقدرة والفعالية لدى آليات التقاضي الوطنية، وعجزها عن الوفاء بالتزاماتها، وتطبيق مبدأ التكامل المنصوص عليه في نظام روما الأساسي. 
      • تدعو رصد بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، والدول الفاعلة، إلى تكثيف الضغط على جميع الأطراف لاحترام حقوق الإنسان، والعمل الجاد على تحقيق العدالة الانتقالية، وكشف الحقيقة، وجبر ضرر الضحايا، وإنهاء حالة الإفلات من العقاب التي تغذي استمرار الانتهاكات.