تقرير: انتهاكات حقوق الإنسان في ليبيا خلال شهر يوليو 2025

المقدمة
شهد شهر يوليو استمرارًا مقلقًا للانتهاكات الجسيمة والجرائم الدولية التي تُرتكب بحق المدنيين بما فيهم المهاجرين في ليبيا، من قبل الأجهزة الأمنية والجماعات المسلحة، وعلى وجه الخصوص القتل خارج القانون، والاختطاف، والاختفاء القسري، وعرقلة العملية الانتخابية، وسط غياب أي خطوات جدية للمساءلة، واستمرار تقاعس السلطات في الوفاء بالتزاماتها بحماية حقوق الإنسان وضمان عدم الإفلات من العقاب.
وثق فريق رصد الميداني خلال شهر يوليو وفاة ناشط واحد (1) أثناء الاحتجاز في طرابلس بعد اعتقاله تعسفيًا في صرمان، إلى جانب اختطاف ناشطين (2) في طرابلس، بالإضافة إلى توثيق حالة اعتداء مسلح وتهديد بالقتل ضد أحد المترشحين للانتخابات البلدية في العزيزية جنوب مدينة طرابلس.
كما وثق الفريق الميداني اعتداءات ممنهجة وواسعة النطاق استهدفت العملية الانتخابية، من بينها إغلاق لمراكز توزيع بطاقات الناخبين في بلدية جنزور بطرابلس، واعتداءات مسلحة على مراكز توزيع بطاقات الناخبين في عشر (10) بلديات على الأقل في شرق وجنوب ليبيا، ما أدى إلى تعليق العملية الانتخابية في تلك البلديات.
كذلك، سجل الفريق الميداني العثور على واحد وثلاثين (31) جثة يُعتقد أنها تعود لمهاجرين، بينهم ستة مصريين، على شواطئ البحر في مدن طبرق ومصراتة وصبراتة وطرابلس، وذلك عقب حوادث غرق متفرقة لقوارب كانت تقل مهاجرين في طريقهم نحو أوروبا، في مؤشر على استمرار تفاقم أوضاع المهاجرين في ليبيا وفشل السلطات في اتخاذ التدابير اللازمة لحمايتهم.
تُحمّل منظمة رصد الجرائم في ليبيا (“رصد”) المسؤولية القانونية الكاملة عن الانتهاكات هذا الشهر بما فيها القتل خارج القانون والاختطاف لكل من جهاز الأمن الداخلي في غرب ليبيا، والقوات المسلحة العربية الليبية، ومكتب النائب العام الليبي، وحكومة الوحدة الوطنية والكتيبة 55 مشاة التابعة لوزارة دفاعها، باعتبارهم مسؤولين بشكل مباشر أو غير مباشر عن ارتكاب هذه الانتهاكات، أو الإخفاق في منعها ومحاسبة مرتكبيها.
وتؤكد رصد أن ما ورد في هذا التقرير لا يعكس كل الانتهاكات المرتكبة خلال الشهر، بل يقتصر على الحالات التي تمكّن فريق رصد الميداني من توثيقها بعد التحقق منها والحصول على الموافقة المستنيرة من الضحايا أو ذويهم على النشر، مع مراعاة السرية وعدم تعريض أي طرف للخطر.
التفاصيل
1 يوليو
رصدت منظمة رصد الجرائم في ليبيا (“رصد”)، في الأول من يوليو، الإغلاق دون سند قانوني لمراكز توزيع بطاقات الناخبين في بلدية جنزور بمدينة طرابلس، من قِبَل رئيس المجلس التسييري جنزور، مصدق شعبان، وبالتواطؤ مع مراقب التربية والتعليم بالبلدية، عاشور محمد عبد الجليل، ما أدى إلى عرقلة توزيع بطاقات الناخبين وتعليق العملية الانتخابية بالبلدية، وجاءت هذه الواقعة على خلفية محاولة رئيس المجلس التسييري منع الانتخابات لضمان استمرار سيطرته على المجلس البلدي.
4 يوليو
وثقت منظمة رصد في الرابع من يوليو، وفاة الناشط عبد المنعم رجب المريمي (51 عامًا) بمستشفى الخليل في طرابلس، متأثرًا بإصابات بالغة تعرّض لها بعد سقوطه من الطابق الثالث بمقر النيابة العامة في طرابلس، حسب ادعاء مكتب النائب العام الليبي.
وكان المريمي قد أُحيل في اليوم السابق لوفاته إلى النيابة العامة، بعد اعتقاله تعسفيًا يوم 30 من يونيو بمدينة صرمان، حيث تم اعتراض سيارته من قبل أربع سيارات مدنية تقل أفراد بزيّ مدني تابعون لجهاز الأمن الداخلي فرع صرمان، وقاموا باقتياده إلى فرع الجهاز في المدينة.
6 يوليو
بين الثامن والعشرين من يونيو والسادس من يوليو، وثّقت منظمة رصد اعتداءات مسلحة نفّذها أفراد تابعون للقوات المسلحة العربية الليبية، استهدفت مراكز توزيع بطاقات الناخبين الخاصة بانتخابات المجالس البلدية، وذلك في عشر (10) بلديات على الأقل في شرق وجنوب ليبيا، شملت سرت، ووادي زمزم، وسبها، وبنغازي، وطبرق، وسلوق، والأبيار، وقمينس، وتوكرة وقصر الجدي. وقد أدت هذه الاعتداءات إلى تعطيل عملية توزيع بطاقات الناخبين في تلك البلديات، وجاءت في سياق ممنهج وواسع النطاق من الانتهاكات التي تهدف إلى عرقلة العملية الانتخابات.
وكذلك، بين الخامس والسادس من يوليو، رصدت منظمة رصد العثور على خمسة (5) جثث مجهولة الهوية، يُعتقد أنها تعود لمهاجرين، على شاطئ البحر قرب ميناء زريق للصيد البحري بمدينة مصراتة، وتم انتشالها من قِبَل الهلال الأحمر الليبي فرع مصراتة، ونقلها إلى المستشفى لاستكمال الإجراءات القانونية.
7 يوليو
وثقت منظمة رصد في السابع من يوليو اختطاف الناشطان (2) من حراك “انتفاضة شعب”، أيمن زعميط ومحمد عون، في مدينة طرابلس، من قِبَل مسلحين مجهولي الهوية يستقلون سيارة مدنية، وذلك على خلفية مشاركتهما في مظاهرات تطالب بإسقاط السلطات في شرق وغرب ليبيا بما فيها حكومة الوحدة الوطنية. وقد تم اقتيادهما إلى مكان مجهول قبل إخلاء سبيلهما يوم 9 يوليو، بعد يومين من الاختطاف، وتعرضهما للتهديد لمنعهما من النشاط ضد السلطات.
9 يوليو
بين الثامن والتاسع من يوليو، رصدت منظمة رصد العثور على ثلاثة (3) جثث على شاطئ البحر وسط مدينة طبرق، وتعود الأولى لمهاجر مصري اسمه مصطفى محمد مصطفى البيه، فيما ما تزال الأخرتان مجهولتا الهوية ويُعتقد أنها تعود لمهاجران، وتم انتشال الجثث من قِبَل الهلال الأحمر الليبي فرع طبرق، ونقلها إلى مركز طبرق الطبي لاستكمال الإجراءات القانونية.
19 يوليو
في التاسع عشر من يوليو، رصدت منظمة رصد العثور على جثة (1) مجهولة الهوية، يُعتقد أنها تعود لمهاجر، على شاطئ البحر في منطقة الوادي بمدينة صبراتة، وتم انتشالها من قِبَل الهلال الأحمر الليبي فرع صبراتة، بالتعاون مع مركز الشرطة بالمدينة، وتم نقلها إلى مستشفى صبراتة التعليمي لاستكمال الإجراءات القانونية.
21 يوليو
وثقت منظمة رصد، في الواحد والعشرين من يوليو، الهجوم المسلح على أحد المرشحين لانتخابات المجلس البلدي ببلدية العزيزية جنوب طرابلس، من قِبَل مسلحين مجهولي الهوية، حيث تعرضت سيارته لإطلاق نار ما خلّف أضرار مادية. وكذلك تعرض ذات المرشح خلال شهر فبراير لتهديدات في محاولة لإجباره على الانسحاب من الانتخابات، من قِبَل أفراد ذوي صلة بالرئيس الحالي للمجلس البلدي بالبلدية، والذي يُعد أحد الموالين للكتيبة 55 مشاة التابعة لوزارة الدفاع بحكومة الوحدة الوطنية.
24 يوليو
في الرابع والعشرين من يوليو، رصدت منظمة رصد العثور على جثة (1) مجهولة الهوية، يُعتقد أنها تعود لمهاجر، على شاطئ البحر في منطقة تاجوراء بمدينة طرابلس، وتم انتشالها من قِبَل الهلال الأحمر الليبي فرع طرابلس، وتسليمها إلى جهاز الإسعاف والطوارئ التابع لحكومة الوحدة الوطنية لاستكمال الإجراءات القانونية.
25 يوليو
رصدت منظمة رصد، بين الرابع والعشرين والخامس والعشرين من يوليو، العثور على ثمانية عشر (18) جثة تعود لمهاجرين، ستة منهم مصريين، على شاطئ البحر في منطقتي وادي طبيرق والعقيلة بمدينة طبرق، وذلك بعد غرق مركب كان على متنه واحد وثمانين (81) مهاجرًا متجهًا نحو أوروبا، وتم إنقاذ عشرة منهم فيما ما يزال الثلاثة وخمسين (53) الآخرون في عداد المفقودين. وتم انتشال الجثث من قِبَل فرع الإدارة العامة لأمن السواحل طبرق، ونقلهما إلى مركز طبرق الطبي لاستكمال الإجراءات القانونية.
30 يوليو
بين التاسع والعشرين والثلاثين من يوليو، رصدت منظمة رصد العثور ثلاثة (3) جثث مجهولة الهوية، يُعتقد أنها تعود لمهاجرين، على شاطئ البحر في منطقة زريق بمدينة مصراتة، وتم انتشالها من قِبَل الهلال الأحمر الليبي فرع مصراتة، ونقلها إلى المستشفى لاستكمال الإجراءات القانونية.
التوصيات
- تطالب منظمة رصد الجرائم في ليبيا (“رصد”) النائب العام الليبي بفتح تحقيق فوري، مستقل وشفاف في جميع حالات عرقلة العملية الانتخابية، والاعتداء على مراكز توزيع بطاقات الناخبين، ومحاسبة جميع المسؤولين عنها لضمان عدم التكرار. كما تدعو رصد السلطات في شرق وغرب ليبيا إلى الامتناع عن التدخل في أعمال المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، واحترام استقلاليتها، وضمان سلامة موظفيها ومقارها من أي تهديد أو توجيه.
- تدعو رصد السلطات في شرق وغرب ليبيا إلى احترام الحقوق والحريات الأساسية المكفولة بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، بما في ذلك الحق في حرية الرأي والتعبير، وحرية التجمع السلمي. كما تطالبها بالوقف الفوري للاعتقال التعسفي والاستهداف الممنهج للمدنيين، وخاصة المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء والمعارضين السلميين، باعتبار أن هذه الانتهاكات تشكل خرقًا جسيمًا للحقوق الأساسية، وتُكرّس مناخ الخوف والإفلات من العقاب، وتُضعف جهود تحقيق العدالة وسيادة القانون.
- تطالب رصد النائب العام الليبي بفتح تحقيقات مستقلة وشفافة في جميع الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك القتل خارج نطاق القانون، والاعتقال التعسفي، والاختفاء القسري، والاختطاف، والتعذيب داخل أماكن الاحتجاز الرسمية وغير الرسمية، وضمان محاسبة المسؤولين عنها وفقًا للمعايير الدولية للمحاكمة العادلة.
- تجدد رصد مطالبتها للسلطات الليبية بتحمل مسؤولياتها في حماية أرواح المهاجرين على طول مسارات الهجرة في الصحراء والبحر، والتعاون مع المنظمات الدولية المختصة من أجل إنشاء آليات فعالة للبحث والإنقاذ، وتحديد مصير المفقودين، وضمان التعرف على الهويات والرفات البشرية. كما تطالب رصد بفتح تحقيق مستقل وشفاف في حوادث الغرق والانتهاكات المرتبطة بالاتجار بالبشر، ومحاسبة المتورطين فيها بما يتماشى مع المعايير الدولية للمساءلة.
- تناشد رصد مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إلى إعادة النظر في قراره بوقف التحقيقات في ليبيا بحلول نهاية عام 2025، لما قد يترتب على ذلك من ترسيخ لحالة الإفلات من العقاب، في ظل غياب الإرادة والقدرة والفعالية لدى آليات التقاضي الوطنية، وعجزها عن الوفاء بالتزاماتها، وتطبيق مبدأ التكامل المنصوص عليه في نظام روما الأساسي.
- تدعو رصد بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، والدول الفاعلة، إلى تكثيف الضغط على جميع الأطراف لاحترام حقوق الإنسان، والعمل الجاد على تحقيق العدالة الانتقالية، وكشف الحقيقة، وجبر ضرر الضحايا، وإنهاء حالة الإفلات من العقاب التي تغذي استمرار الانتهاكات.