Skip to main content

الشبكة الليبية لمناهضة التعذيب من بينها منظمة رصد تطلق مناشدة عاجلة حول التعامل مع كارثة درنة

حول التعامل مع كارثة انهيار سدي درنة شرق ليبيا مناشدة الشبكة الليبية لمناهضة التعذيب والمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب تمثل حادثة انهيار …
درنة بعد السيول - مصدر الصورة من السوشال ميديا
درنة بعد السيول – مصدر الصورة من السوشال ميديا

حول التعامل مع كارثة انهيار سدي درنة شرق ليبيا

مناشدة الشبكة الليبية لمناهضة التعذيب والمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب

تمثل حادثة انهيار سدي مدينة درنة الليبية التي حدثت ليلة العاشر وصباح الحادي عشر من سبتمبر 2023 إحدى أكبر الكوارث في ذاكرة ليبيا. تنعى الشبكة الليبية لمناهضة التعذيب ببالغ الأسى الأرواح التي فُقِدَت والدمار الذي خلّفته هذه الكارثة. كما تعبر عن تعاطفها الصادق مع عائلات المفقودين والمتضررين. وتأكيدا لاستمرار دعمهما خلال هذه الأوقات العصيبة للمتضررين، تقر الشبكة بوجوب التعامل من قبل السلطات الليبية والمجتمع المحلي والدولي مع مزاعم حصول العديد من الانتهاكات خصوصا وأن انهيار السدين لازال يثير تساؤلات جادة لدى الناجين والعائلات المتضررة والمجتمع المدني حول أهمية مسائلة الحكومات الليبية والأطراف المنتهكة. تتمحور هذه التساؤلات والمزاعم في ليبيا اليوم حول عدت مسائل رئيسية يتطلب التعامل معها اتخاذ إجراءات عاجلة من قبل الحكومة والمجتمع المحلي والدولي:


الاستجابة غير الفعالة من قبل السلطات الليبية وسوء التعامل مع الكارثة وعواقبها

تكمن مسؤولية الحكومة في اتخاذ التدابير الواجبة لحماية المدنيين وتجنب الخسائر البشرية والمادية نتيجة للكوارث الطبيعية. إلا أن الحكومة الليبية لم تقدم الدعم والإجراءات اللازمة للتعامل مع الإعصار وانهيار السدين بشكل فعال. كما أن غياب الحوكمة الرشيدة أثر على تقديم الدعم الإنساني العاجل للفئات المتضررة. لذا كان من المهم السماح بوصول فرق الإنقاذ والإغاثة الدولية والمنظمات الإنسانية وتوفير المساعدات الضرورية والطارئة للمتضررين. لكن التجاوب البطيء من قبل السلطات الليبية أثر سلبا على الوضع الإنساني بسبب تعطيل وصول العمليات الإنسانية لأكثر من أسبوع.
أيضًا، يجب اتخاذ إجراءات عاجلة وآنية لجمع بيانات المفقودين والنازحين والوافدين والوفيات في قاعدة بيانات مركزية بإدارة حكومية فعّالة. إلا أن الانقسامات والخلافات السياسية أثرت سلبًا على هذه الجهود. لذا فإن عدم وجود منظومات رسمية للبيانات أثر على البحث عن المفقودين وتقديم المساعدات بفعالية. ونتيجة لغياب الأنظمة ووسائل الأرشفة المعلوماتية الرسمية أصبح من الصعب اتخاذ الإجراءات اللازمة للبحث عن المفقودين. وأثر هذا على قدرة المدنيين على الوصول إلى الجهات الرسمية المعنية بالبحث عن أحبائهم. وعلى الرغم من محاولات جمع المعلومات والبيانات من قبل مبادرات مدنية مثل جمعيات خيرية وفروع الهلال الأحمر الليبي ووزارة الشؤون الاجتماعية، إلا أن هذه الجهود غير مركزة وغير موحدة بشكل كافٍ. وهذا يعوق بشكل كبير الجهود الفعالة للبحث عن المفقودين. من المهم أن تسعى الحكومة والسلطات في ليبيا لإرشاد المواطنين وتوجيههم نحو الجهات المسؤولة عن توفير المعلومات والبيانات بشكل موحد وموثوق.


انعدام قنوات اتصال شفافة وموثوقة

يمكن أن يؤثر تقييد الوصول إلى وسائل الإعلام الرسمية والحصول على المعلومات من مصادر مسؤولة سلبًا على الصحة النفسية للناجين وقد يسمح أيضا بانتشار الشائعات والأخبار الكاذبة التي تسبب الرعب والخوف لدى الكثيرين، إلا أن السلطات الليبية ساهمت بشكل متعمد في حجب المعلومات الصحيحة والهامة التي من شأنها طمأنة العامة خلال الأزمة.


استمرار حملات الاعتقالات التعسفية والحد من حرية التعبير

قامت القوات المسلحة العربية الليبية شرق البلاد بحملات من شأنها تقييد حرية التعبير حيث أكدت المصادر قيام عناصر الأمن الداخلي بالتحقيق مع مجموعة من المتظاهرين في درنة على خلفية خروجهم يوم 18 سبتمبر 2023 منادين بالتحقيق في أسباب انهيار السدين من قبل ألية دولية. يجب أن تتوقف فورا أي عمليات اعتقال أو ملاحقة لنشطاء مدنيين ومتظاهرين سلميين وأن يسمح للمدنيين بالتجمع والتعبير عن أراءهم حول الوضع الحالي وأن يسمح لهم بالضغط على الحكومات والمطالبة بتوحيد الجهود السياسية من أجل ضمان حقوق المواطنين والمتضررين.


انتشار الفساد وأثره المباشر على الأزمة

صراع ليبيا مع الفساد وتفشيه في البلاد ليس بالأمر الجديد. ويمثل ملف التمييز الممنهج ضد سكان مدينة درنة أحد أكبر ملفات الانتهاكات الممنهجة التي تتحمل مسؤوليتها الحكومات المتعاقبة والبرلمان والقوات المسلحة العربية الليبية شرق ليبيا. كما تشير التساؤلات الحالية بين المدنيين وناشطي المجتمع المدني والدوائر القانونية والمنظمات الإنسانية إلى احتمال ارتباط ملف الفساد والإهمال المتعمد للبنية التحتية بالتمييز الممنهج ضد سكان درنة وتأثيره المباشر على تقاعس الجهات الحكومية في صيانة السدود على مدى السنوات الماضية. بالإضافة إلى ممارسات الإقصاء والتمييز الذي شهدتها مدينة درنة منذ أعوام وتأثير العمليات العسكرية أيضا خلال الحروب والأزمات السابقة على حال السدين وعلى تشجيع الفساد والاهمال المتعمدين.
وبهذا الصدد تؤكد الشبكة الليبية لمناهضة التعذيب على أهمية الخطوات التي اتخذها مكتب النائب العام الليبي حيال التحقيق مع الأطراف المؤسساتية والأشخاص المتهمين في ملف الفساد المالي والتقاعس الوارد بتقرير ديوان المحاسبة 2021. لكنها تدعو أيضا لضمان شفافية وحياد ونزاهة هذه التحقيقات وأهمية اتباع الإجراءات القضائية الواجبة، وبالتالي فإن التحقيق في مسألة الفساد المالي رغم أهميته لا يشكل إلا جزء بسيطا من مجموعة انتهاكات أخرى قد تشكل جرائم حرب ممنهجة وجرائم ضد الإنسانية.


تعطل النظام القضائي الليبي وتأثيره على التحقيق في انهيار السدين

يتعين على الدولة الليبية ضمان الشفافية والنزاهة والتحقيق الجاد في جميع المزاعم المتعلقة بانتهاكات متعمدة وانتهاكات ناتجة عن الفساد أو الإهمال. ونظراً للظروف الحالية المتمثلة في الانقسام السياسي وضعف دور وقدرة القضاء المحلي، فمن الضروري أن يتم آلية دولية مستقلة في جميع الجرائم وتحديد الأشخاص المسؤولين في كل جريمة وانتهاك على حدة، وتوفير سبل واضحة وأمنة لتسليم الأدلة والشهود والوثائق لهذه الالية الدولية لتتمكن من تحقيق نتائج نزيهة وناجعة. ويجب كذلك أن يُمكن مكتب النائب العام لجان الخبراء الدوليين والمتخصصين والمحققين من الدخول إلى ليبيا والإشراف الكامل للتحقق من طبيعة الانتهاكات والمتهمين فيها وتسليم المتهمين للجهات والاليات المناسبة لمحاكمتهم داخل البلاد أو خارجها. وأن يتم فرض أليات تقييم وتقصي حقائق مستقلة من كوادر محلية ودولية للتقييم القانوني لطبيعة التدابير الوقائية التي قامت بها الحكومتين قبل الحادثة وأثناء إجلاء المدنيين.


تجاهل مسائل حماية ورعاية المهاجرين والعمالة الوافدة

لم تبد السلطات الليبية أي اهتمام ملحوظ ومعلن بضحايا الكارثة غير الليبيين. لذا تعرب الشبكة الليبية لمناهضة التعذيب عن قلقها الشديد حول انعدام سبل التعامل الإنساني مع المهاجرين الذين قضوا في الحادثة والناجين من جنسيات مختلفة. كما تؤكد الشبكة أنه من واقع التزام الحكومة الليبية بحماية كافة الموجودين على أراضيها، الحرص أيضا على توفير أساسيات الحياة والمعلومات الواضحة والصحيحة حول بيانات المتوفين والمفقودين من المهاجرين والعمالة الوافدة وتوفير المساعدة الطبية والنفسية اللازمة للناجين من الكارثة وتعويضهم حالهم حال المواطنين الليبيين. كذلك التنسيق بين السلطات والجهات الحكومية والسفارات ومنظمات المجتمع الدولي للتواصل مع عائلات المهاجرين والعمالة الوافدة وإبلاغهم بوضع أحبائهم في ليبيا.


إخفاء معلومات حول وفيات بسجن قرنادة أثناء وبعد الكارثة

يجب على الحكومة التحقق من الاخبار التي تفيد بموت أشخاص داخل سجن قرنادة الامر الذي أكدته بعض المصادر بعد أن غمرت المياه بعض من مبانيه. لذا فعلى السلطات الليبية الكشف عن حجم الأضرار الناجمة عن الإعصار داخل المباني المتضررة بالسجن لأن المعلومات الواردة تؤكد مقتل شخص على الأقل داخل سجن قرنادة.

في هذا السياق، تدعو الشبكة الليبية لمناهضة التعذيب السلطات الليبية والمجتمع الدولي الى اتخاذ الإجراءات التالية بشكل عاجل:

  1. توفير سبل التعاون السريع والمباشر مع بعثات المساعدات والإغاثة الدولية: يجب على الحكومتين في شرق وغرب البلاد أن تؤمن الدخول السريع والآمن لهذه البعثات وأن تسهل إجراءات الدخول الخاصة بفرق الإغاثة الدولية على مدى الأشهر والسنوات القادمة، ذلك لأن عواقب الكارثة على الوضع الإنساني للمتضررين ستضل قائمة ولن تتمكن الحكومات الليبية من التعامل معها على المدى الطويل.
  2. التعامل الفوري وبشكل قانوني وإنساني مع ملف المفقودين: تؤكد الشبكة على أهمية التدخل السريع ومضاعفة الجهود بين كافة الأطراف والفاعلين من مسؤولين ومنظمات إغاثة وجمعيات إنسانية ومدنيين لإدارة الكارثة وعواقبها وتبادل المعلومات الصحيحة التي من شأنها تسريع عملية البحث بشكل منظم.
  3. إنشاء قنوات اتصال رسمية واضحة تنقل المعلومات بشفافية تامة وضمان وصول العامة إلى المعلومات الصحيحة بشكل دوري: يجب تقديم تحديثات دقيقة في الوقت المناسب وبشكل دوري لاطلاع العامة والناجين على ما تقوم به السلطات من أجل مساعدة المتضررين وما توفره من وسائل التعامل مع الأزمة على كافة الأصعدة.
  4. ضمان حرية التعبير والتجمع السلمي: يجب على القوات الأمنية والعسكرية في شرق ليبيا أن تؤمن بيئة التعبير السلمي والمظاهرات ودعمها والتوقف السريع عن أي ممارسات ترهيب واعتقال ضد المدنيين والنشطاء.
  5. الإنشاء العاجل لآلية تحقيق دولية مستقلة ومحايدة للتحقيق في انهيار سدي درنة: تحث الشبكة، الأمم المتحدة وأصحاب المصلحة والاهتمام بالشأن الليبي من المجتمع الدولي، إلى تقييم الجهود التي بذلتها الدولة الليبية لحماية السكان المحليين في درنة قبل وبعد انهيار السد باعتبار مسؤولية الدولة في حماية ورعاية المدنيين أيضا.
  6. ضمان اتخاذ الإجراءات الفعلية للمساءلة والمحاسبة في ملف الفساد المالي: اعتبار الفساد المالي جزء واحدا من مجموعة جرائم أخرى يجب اضطلاع الية دولية وخبراء دوليين لتحديد المسؤولين بها بالإضافة للمتهمين في ملف الفساد المالي.
  7. التعامل مع ملف العمالة الوافدة والمهاجرين المفقودين والمتضررين وضرورة التنسيق مع أهاليهم على المستوى الوطني والدولي: يجب تكثيف الجهود على قدم المساواة للبحث عن العمالة الوافدة والمهاجرين المفقودين وإدارة الجثامين ومساعدة الناجين منهم مع تأكيد وجود أطفال ونساء من هذه الفئة من المتأثرين بوطأة الكارثة ممن يحتاجون رعاية خاصة. كما تؤكد الشبكة على مسؤولية الجهات الرسمية في اصدار بيانات موثوقة لحصر أعدادهم ونشر أسماءهم قصد التعرف عليهم من قبل أقاربهم وحكومات دولهم.
  8. تتبع حالة السجون ومراكز الاحتجاز أثناء الكارثة: يجب على السلطات في شرق ليبيا إصدار بيان علني حول صحة أخبار هذه الوفيات من عدمها وإصدار تعليمات رسمية واضحة بالتحقيق في حالات الوفاة والتحقيق في عدم القيام بأي إجراءات وقائية من قبل السلطات لحماية المحتجزين. خاصةً أن بعضهم فقدوا أحبائهم في هذه الكارثة مما يعني وجوب التعامل الإنساني مع هذه الحالات، وإبلاغ أقارب المفقودين من المعتقلين بوفاة أقربائهم. وتؤكد الشبكة أيضا على أهمية متابعة حال السجون في ليبيا عامة.