تقرير: انتهاكات حقوق الإنسان في ليبيا خلال شهر فبراير 2025

المقدمة
شهد شهر فبراير استمرارًا للانتهاكات الجسيمة والجرائم الدولية التي ترتكبها السلطات الأمنية والعسكرية في شرق وغرب ليبيا بحق المدنيين، في ظل تقاعس واضح من السلطتين عن الوفاء بالتزاماتها القانونية في حماية حقوق الإنسان وضمان المساءلة والمحاسبة.
رصد فريق الرصد والتوثيق الميداني خلال شهر فبراير وفاة رجل واحد (1) بعد احتجازه تعسفيًا في سجن قرنادة جنوب مدينة شحات، ومقتل رجل واحد (1) نتيجة إطلاق النار عليه في مدينة الزاوية، ووثق الفريق الاعتقال التعسفي لأربعة (4) مدنيين، من بينهم مهاجر ومرشح للانتخابات، في مدينتيْ طرابلس ومصراتة؛ كما رصد الفريق اختطاف رجل واحد (1) في مدينة طرابلس.
وتابع الفريق انتشال ثلاثة وثمانين جثة (83) تعود لمهاجرين في مقابر جماعية اكتُشِفت في مدينتيْ الكفرة وجالو. ورصد الفريق العثور على أربعة (4) جثث مجهولة يُعتقد أنها تعود لمهاجرين توفوا في ظروف غامضة في مدن جالو، والكفرة والزاوية.
وكذلك سجّل الفريق انتشال ثلاثة عشر (13) جثّة مجهولة الهوية، يُعتقد أنها تعود لمهاجرين، على شواطئ مدينتيْ الزاوية والبريقة. وتشير هذه الحوادث إلى استمرار الانتهاكات ضد المهاجرين وعدم اتخاذ السلطات التدابير اللازمة لحماية أرواحهم في البر والبحر.
تُحمّل منظمة رصد المسؤولية القانونية الكاملة عن الانتهاكات الموثقة خلال هذا الشهر لكل من الإدارة العامة للعمليات الأمنية فرع بنغازي التابعة لوزارة الداخلية بالحكومة الليبية المعتمدة من مجلس النواب، وإدارة الشرطة والسجون العسكرية التابعة للقوات المسلحة العربية الليبية، وقسم شرطة النجدة بمديرية أمن مصراتة التابعة لوزارة الداخلية بحكومة الوحدة الوطنية، وجهاز الأمن الداخلي التابع للمجلس الرئاسي الليبي، والكتيبة 55 مشاة التابعة لوزارة الدفاع بحكومة الوحدة الوطنية؛ لكونها الجهات التي ارتكبت هذه الانتهاكات أو سهلت وقوعها أو فشلت في منعها وملاحقة مرتكبيها.
وتؤكد منظمة رصد أن الانتهاكات الواردة في هذا التقرير لا تعكس بالضرورة الحجم الفعلي للانتهاكات المرتكبة خلال الفترة المشمولة، وإنما تمثل فقط الحالات التي تمكن فريق الرصد والتوثيق الميداني من توثيقها. كما أن النشر يقتصر على الانتهاكات التي لا يشكل الكشف عنها خطرًا على الضحايا أو الناجين أو ذويهم.
التفاصيل
2 فبراير
في الثاني من فبراير، رصدت منظمة رصد العثور على جثتيْن اثنتيْن (2) مجهولتيْ الهوية، يُعتقد أنها تعود لمهاجرين، في منطقة صحراوية نائية على أطراف مدينة الكفرة شرق ليبيا، وتم انتشالها من قِبَل جهاز الإسعاف والطوارئ فرع الكفرة، ونقلها إلى المستشفى لاستكمال الإجراءات القانونية.
3 فبراير
سجلت منظمة رصد في الثالث من فبراير العثور على جثة واحدة (1) متحللة مجهولة الهوية، يُعتقد أنها تعود لمهاجر، في منطقة صحراوية نائية بمنطقة لحراش في مدينة جالو شرق ليبيا، وتم انتشالها من قِبَل الهلال الأحمر الليبي فرع جالو، ونقلها إلى المستشفى لاستكمال الإجراءات القانونية.
5 فبراير
سجلت منظمة رصد في الخامس من فبراير العثور على ثلاثة (3) جثث تعود لمهاجرين من الجنسية البنغلاديشية، على شاطئ البحر في منطقة العقيلة غرب مدينة البريقة شرق ليبيا، بعد غرق المركب الذي كانوا على متنه متّجهين نحو أوروبا1، وتم انتشالها من قِبَل جهاز الإسعاف والطوارئ فرع البريقة، ونَقلها إلى مستشفى الشهيد امحمد المقريف بمدينة أجدابيا لاستكمال الإجراءات القانونية.
6 فبراير
في السادس من فبراير، سجلت منظمة رصد العثور على عشرة (10) جثث مجهولة الهوية تعود لمهاجرين، على شاطئ البحر بميناء ديلة للصيد البحري في مدينة الزاوية غرب ليبيا، بعد غرق المركب الذي كانوا على متنه متجهين نحو أوروبا، وتم انتشالها من قِبَل الهلال الأحمر الليبي فرع الزاوية.
وفي ذات التاريخ، رصدت منظمة رصد مقتل شهاب محمود القانقا (18 عامًا)، إثر إطلاق النار عليه من قِبَل مسلحين مجهولي الهوية في شارع الضمان وسط مدينة الزاوية غرب ليبيا، وما تزال السلطات الأمنية في المدينة حتى الآن لم تُعلن عن ملابسات الحادثة وملاحقة المسؤولين عنها.
وكذلك في السادس من فبراير سجلت منظمة رصد العثور على تسعة عشر (19) جثة مجهولة الهوية تعود لمهاجرين، في مقبرة جماعية بمنطقة إجخرة بمدينة جالو شرق ليبيا، وتم انتشالها من قِبَل الهلال الأحمر الليبي فرع جالو، ونقلها إلى المستشفى لاستكمال الإجراءات القانونية.
9 فبراير
في التاسع من فبراير، رصدت منظمة رصد الاعتقال التعسفي لرجل2 واحد (1) بعد ترشحه لانتخابات المجلس البلدي العزيزية بجنوب طرابلس، من قِبَل مسلحين تابعين للكتيبة 55 مشاة بوزارة الدفاع في حكومة الوحدة الوطنية، للضغط عليه من أجل سحب ترشحه للانتخابات، حيث تم اقتياده إلى وجهة مجهولة، قبل أن يتم إخلاء سبيله في اليوم التالي. وجاءت الحادثة في سياق حملة ترهيب واعتداء تعرض لها مرشحين لانتخابات المجلس البلدي العزيزية لإجبارهم على الانسحاب.
10 فبراير
في العاشر من فبراير، وثقت منظمة رصد الاعتقال التعسفي والتعذيب لعدنان محمد الصادق (34 عامًا)، مهاجر من الجنسية الباكستانية، من قِبَل أفراد تابعين لقسم شرطة النجدة بمديرية أمن مصراتة في غرب ليبيا، وذلك بغرض ابتزاز أسرته لإجبارهم على دفع فدية مقابل إطلاق سراحه. وتابعت منظمة رصد في 14 فبراير انتشار مقطع فيديو مسرب على منصات التواصل الاجتماعي، يُظهر تعرض الضحية للتعذيب من قِبَل ثلاثة أفراد تابعين للقسم. قبل أن يتم إخلاء سبيله بعد يوم واحد من انتشار الفيديو بتاريخ 15 فبراير.
12 فبراير
رصدت منظمة رصد في الثاني عشر من فبراير اختطاف رجل3 واحد (1) من قِبَل مسلحين مجهولين، على خلفية دعوته عبر مواقع التواصل الاجتماعي وتشجيعه للتسجيل والمشاركة في انتخابات المجلس البلدي العزيزية، وتم اقتياده إلى وجهة مجهولة. قبل أن يتم إخلاء سبيله بعد ساعات في ذات اليوم بعد وساطات اجتماعية.
17 فبراير
بين السادس والسابع عشر من فبراير، سجلت منظمة رصد العثور على أربعة وستين (64) جثة مجهولة الهوية تعود لمهاجرين، في مقابر جماعية قرب مخزن للإتجار بالبشر في مدينة الكفرة شرق ليبيا، تديره شبكة لتهريب المهاجرين والإتجار بالبشر، وتم انتشال الجثث من قِبَل جهاز الإسعاف والطوارئ فرع الكفرة، ودفنها في قبور أخرى بعد استكمال الإجراءات القانونية.
وفي ذات التاريخ، سجلت منظمة رصد العثور على جثة واحدة (1) مجهولة الهوية، يُعتقد أنها تعود لمهاجر، في منطقة نائية بضواحي منطقة الحرشة غرب مدينة الزاوية غرب ليبيا، وتم انتشالها من قِبَل الهلال الأحمر الليبي فرع الزاوية، ونقلها إلى المستشفى لاستكمال الإجراءات القانونية.
وكذلك في السابع عشر من فبراير، رصدت منظمة رصد الاعتقال التعسفي لرجل4 واحد (1) من قِبَل جهاز الأمن الداخلي التابع للمجلس الرئاسي الليبي، واقتياده إلى مقر الجهاز في طرابلس غرب ليبيا، وذلك على خلفية تهم بنشر فيديوهات تضمنت ما اعتُبِر “إهانة لعلم الدول”. ونشر الجهاز عبر صفحاتها الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي فيديو للضحية يُدلي باعترافات ضمن سياسة الجهاز المستمرة منذ سنوات لإهانة المعتقلين.
19 فبراير
في التاسع عشر من فبراير، رصدت منظمة رصد وفاة خميس محمد العقاب (54 عامًا) بعد نقله إلى المستشفى من مكان احتجازه في سجن قرنادة جنوب مدينة شحات؛ وذلك بعد تعرضه للاعتقال التعسفي في 6 نوفمبر الماضي، من منزله في مدينة المرج، من قِبَل الإدارة العامة للعمليات الأمنية فرع بنغازي التابعة للحكومة الليبية المعتمدة من مجلس النواب، وذلك بتهم “ممارسة السحر والشعوذة”5.
وُجِدت على جثة العقاب آثار تعذيب شملت جروحًا وكدمات. وبعد وفاته في المستشفى، قام أفراد تابعون لإدارة الشرطة والسجون العسكرية التابعة للقوات المسلحة العربية الليبية، بالاستيلاء على تقرير الطبيب الشرعي الذي يكشف أسباب الوفاة، ما حرم أسرته من معرفة الأسباب الحقيقية لوفاته حتى الآن.
25 فبراير
رصدت منظمة رصد في الخامس والعشرين ومن فبراير الاعتقال التعسفي لرجل واحد6 (1) آخر من قِبَل جهاز الأمن الداخلي التابع للمجلس الرئاسي الليبي، واقتياده إلى مقر الجهاز في طرابلس غرب ليبيا، وذلك على خلفية تهم بنشر فيديوهات تضمنت ما اعتُبِر “إهانة لعلم الدولة”. ونشر الجهاز عبر صفحاتها الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي فيديو للضحية يُدلي باعترافات ضمن سياسة الجهاز المستمرة منذ سنوات لإهانة المعتقلين.
التوصيات
- تطالب منظمة رصد الجرائم ليبيا السلطات في غرب وشرق ليبيا بضمان احترام وحماية حرية الرأي والتعبير، والحق في التجمع السلمي، وتشدد منظمة رصد على ضرورة وقف جميع أشكال الملاحقة أو التضييق على الأفراد بسبب تعبيرهم عن آرائهم أو مشاركتهم في الاحتجاجات السلمية، وضمان عدم تعرضهم لأي انتهاكات.
- وتطالب منظمة رصد السلطات في شرق ليبيا بالوقف الفوري لحملات القمع التي تستهدف الأفراد استنادًا إلى قانون “مكافحة السحر والشعوذة”، باعتبارها انتهاكًا للمعايير الدولية والمواثيق التي صادقت عليها ليبيا. كما تدعو المنظمة إلى وضع حد لجميع أشكال التمييز والاستهداف بناءً على الانتماءات الدينية، وضمان احترام الحقوق والحريات الأساسية المكفولة بموجب القانون الدولي.
- تطالب منظمة رصد النائب العام الليبي بفتح تحقيقات مستقلة وشفافة في جميع حالات الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك حوادث القتل خارج نطاق القانون، والاعتقال التعسفي، والتعذيب داخل أماكن الاحتجاز الرسمية وغير الرسمية، وضمان محاسبة المسؤولين عنها وفقًا للمعايير الدولية للمحاكمة العادلة.
- تجدد منظمة رصد مطالبتها للسلطات في ليبيا بتحمل المسؤولية عن إنقاذ حياة المهاجرين على طول طرق الهجرة في الصحراء وفي البحر، والتعاون مع المنظمات الدولية لإنشاء آليات فعالة للبحث والإنقاذ لوقف الخسائر في حياة المهاجرين، والعثور على المفقودين وتحديد هوياتهم، كما تطالب منظمة رصد بفتح تحقيق مستقل وشفاف للكشف عن المسؤولين عن شبكات الاتجار بالبشر وضمان محاسبة المسؤولين وفق المعايير الدولية للمحاكمة العادلة.
- تدعو منظمة رصد بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا والدول الفاعلة إلى تكثيف الضغط على جميع الأطراف لاحترام حقوق الإنسان، والعمل على تحقيق العدالة الانتقالية، وضمان كشف الحقيقة وجبر الضرر للضحايا، وإنهاء حالة الإفلات من العقاب التي تشجع على استمرار الانتهاكات.
- تطالب منظمة رصد السلطات في غرب وشرق ليبيا بالامتثال لالتزاماتها الدولية، وتسليم المطلوبين لدى المحكمة الجنائية الدولية، لضمان محاسبتهم وفق المعايير الدولية للمحاكمة العادلة، والحد من ظاهرة الإفلات من العقاب.
- تجدد منظمة رصد مطالبتها لمكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بالتراجع عن قراره بوقف التحقيقات في ليبيا بحلول نهاية عام 2025، لما يمثله ذلك من تقويض لجهود المحاسبة وتفاقم إفلات الجناة من العقاب.