Skip to main content

تقرير: انتهاكات حقوق الإنسان في ليبيا خلال شهر مايو 2025

المقدمة شهد شهر مايو تصاعدًا مقلقًا في الانتهاكات الجسيمة والجرائم الدولية التي ترتكبها الجماعات المسلحة والأجهزة الأمنية ضد المدنيين في شر…
| ,
آثار الاشتباكات المسلحة التي اندلعت في مدينة طرابلس خلال مايو الماضي - المصدر: منصات التواصل الاجتماعي
آثار الاشتباكات المسلحة التي اندلعت في مدينة طرابلس خلال مايو الماضي – المصدر: منصات التواصل الاجتماعي

المقدمة

شهد شهر مايو تصاعدًا مقلقًا في الانتهاكات الجسيمة والجرائم الدولية التي ترتكبها الجماعات المسلحة والأجهزة الأمنية ضد المدنيين في شرق وغرب ليبيا، في ظل استمرار غياب أي خطوات ملموسة من أجل المساءلة والمحاسبة، ومواصلة السلطات تقاعسها عن الوفاء بالتزاماتها في حماية حقوق الإنسان. 

وثق فريق الرصد والتوثيق الميداني خلال شهر مايو مقتل اثنا عشر (12) مدنيًا في مدينة طرابلس، بينهم أربع نساء، وإصابة أربعة عشر (14) آخرين على الأقل، بينهم طفل، بالإضافة إلى استهداف منشأتين (2) صحيتيْن، نتيجة هجمات عشوائية استهدفت مدنيين ومنشآت مدنية خلال اشتباكات مسلحة اندلعت في المدينة. 

ورصد فريق رصد الميداني حالتيْ قتل خارج نطاق القانون وقع ضحيتها مدنيان اثنان (2) في مدينتيْ البيضاء وطرابلس، بالإضافة إلى إصابة ثلاثة مدنيين (3) بإطلاق نار بعد مشاركتهم في احتجاجات بمدينة طرابلس. كما وثق الفريق الاعتقال التعسفي لناشط سوداني وشاعر في مدينتيْ طرابلس وسبها. 

بالإضافة إلى ذلك، سجل فريق رصد الميداني العثور على ستة وثلاثين (36) جثة يُعتقد إنها تعود لمهاجرين، من بينهم نساء وأطفال، فقدوا حياتهم في طرق الهجرة البرية والبحرية، وشملت هذه الحالات ثمانية عشر جثة تم العثور عليها في الصحراء بمدينتيْ الكفرة ومرزق، وثمانية عشر جثة أخرى عُثِر عليها على شواطئ مدن مصراتة وصرمان وصبراتة. وتشير هذه الحوادث إلى استمرار الانتهاكات الجسيمة ضد المهاجرين وعدم اتخاذ السلطات التدابير اللازمة لحماية أرواحهم في البر والبحر. 

تُحمّل منظمة رصد الجرائم في ليبيا (“رصد”) المسؤولية القانونية الكاملة عن الانتهاكات الموثقة خلال هذا الشهر لكل من إدارة الشرطة والسجون العسكرية واللواء طارق بن زياد التابعان للقوات المسلحة العربية الليبية، وجهاز الأمن الداخلي التابع للحكومة الليبية المعتمدة من مجلس النواب، والأجهزة الأمنية والجماعات المسلحة التابعة لوزارتيْ الدفاع والداخلية لحكومة الوحدة الوطنية، بما في ذلك اللواء 444، واللواء 111، وجهاز الأمن العام والتمركزات الأمنية، وجهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية، وكذلك جهاز الردع لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة وجهاز دعم الاستقرار التابعان للمجلس الرئاسي الليبي، بالإضافة إلى سفارة جمهورية السودان في طرابلس، وذلك لكونها الجهات التي ارتكبت هذه الانتهاكات أو سهلت وقوعها أو فشلت في منعها وملاحقة مرتكبيها. وتؤكد رصد أن الانتهاكات الواردة في هذا التقرير لا تعكس بالضرورة الحجم الفعلي للانتهاكات المرتكبة خلال الفترة المشمولة في التقرير، وإنما تمثل فقط الحالات التي تمكن فريق رصد الميداني من توثيقها والتحقق منها. كما أن النشر يقتصر على الانتهاكات التي لا يشكل الكشف عنها خطراً على الضحايا أو الناجين أو ذويهم. 

التفاصيل

2 مايو 

سجلت منظمة رصد، بين الأول والثاني من مايو، العثور على ستة عشر (16) جثة مجهولة الهوية، يُعتقد أنها تعود لمهاجرين، على شاطئ البحر في مدينة مصراتة، وتم انتشالها من قِبَل الهلال الأحمر الليبي فرع مصراتة، ونقلها إلى المستشفى لاستكمال الإجراءات القانونية. 

5 مايو 

في الخامس من مايو، سجلت منظمة رصد العثور على جثة واحدة (1) مجهولة الهوية، يُعتقد أنها تعود لمهاجر، على شاطئ البحر في مدينة صرمان، وتم انتشالها من قِبَل الهلال الأحمر الليبي فرع صرمان، ونقلها إلى مستشفى صرمان العام لاستكمال الإجراءات القانونية. 

8 مايو 

في الثامن من مايو، وثقت رصد وفاة فيصل عوض إبشيش (46 عامًا)، في مستشفى مدينة البيضاء، بعد تدهور حالته الصحية نتيجة الإهمال الطبي أثناء احتجازه في سجن قرنادة العسكري، الخاضع لإشراف إدارة الشرطة والسجون العسكرية التابعة للقوات المسلحة العربية الليبية. 

وكان الضحية قد تعرّض للاعتقال التعسفي في عام 2018، واحتُجز منذ ذلك الحين دون أي إجراءات قضائية. وقد تدهورت حالته الصحية داخل السجن نتيجة ظروف الاحتجاز وعدم توفّر الرعاية الطبية اللازمة، إلى أن نُقل إلى المستشفى حيث فارق الحياة بعد شهر من دخوله. وقامت إدارة السجن لاحقًا بتسليم جثمانه إلى أسرته بمدينة درنة. 

10 مايو 

سجلت منظمة رصد، في العاشر من مايو، العثور على جثتيْن اثنتيْن (2) مجهولتيْ الهوية، يُعتقد أنها تعود لمهاجرين، مدفونة في منطقة صحراوية نائية قرب منطقة أبو زريق بضواحي مدينة الكفرة، وتم انتشالها من قِبَل جهاز الإسعاف والطوارئ فرع الكفرة، ودفنها في قبور أخرى بعد استكمال الإجراءات القانونية. 

12 مايو 

بين الثاني عشر والرابع عشر من مايو، رصدت منظمة رصد مقتل إحدى عشرة (11) مدنيًا، بينهم أربعة نساء، وإصابة عشرة (10) آخرين على الأقل، بينهم طفل، في مناطق سوق الجمعة وحي الأندلس وجنزور وأبو سليم وعين زارة وطرابلس المركز بمدينة طرابلس، وذلك نتيجة إصاباتهم بإطلاق نار عشوائي خلال اشتباكات مسلحة وقعت في مناطق مكتظة بالسكان في المدينة. وخلال ذات الاشتباكات، رصدت منظمة رصد استهداف مصحة طرابلس الجديدة ومستشفى الجلاء للولادة وأمراض النساء بقذائف أثناء وجود مرضى وموظفين بدخالها، إلى جانب سقوط عدد من القتلى بين العسكريين من أطراف النزاع. وما تزال حكومة الوحدة الوطنية تمتنع عن الكشف عن أي إحصائيات رسمية بشأن الخسائر البشرية والمادية الناتجة عن هذه الاشتباكات. 

وجاء هذه الهجمات العشوائية التي طالت مدنيين ومنشآت مدنية خلال اشتباكات مسلحة اندلعت في مدينة طرابلس على خلفية مقتل رئيس جهاز دعم الاستقرار، عبد الغني الككلي (“غنيوة”)، بين جماعات مسلحة وأجهزة أمنية أبرزها اللواء 444 واللواء 111 التابعان لوزارة الدفاع بحكومة الوحدة الوطنية، وجهاز الأمن العام والتمركزات الأمنية التابع لوزارة الداخلية بحكومة الوحدة الوطنية، وجهاز الردع لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة وجهاز دعم الاستقرار التابعان للمجلس الرئاسي الليبي. 

13 مايو 

رصدت منظمة رصد، في الثالث عشر من مايو، العثور على جثة حسام صالح الطابوني (30 عامًا)، بعد مقتله تحت التعذيب في سجن غير رسمي بمنطقة أبو سليم شرق طرابلس، يشرف عليه جهاز دعم الاستقرار التابع للمجلس الرئاسي الليبي، وذلك بعد خمسة أيام من اختفاءه قسريًا بعد اعتقاله تعسفيًا من قِبَل أفراد تابعين للجهاز، بالقرب من مكان عمله في مستشفى غسيل الكلى بطريق الشط في طرابلس. 

14 مايو 

وثقت منظمة رصد في الرابع عشر من مايو مقتل قريرة رمضان المزوغي (65 عامًا) وإصابة أربعة (4) آخرين من المحتجزين في سجن معيتيقة الخاضع لسيطرة جهاز الردع لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة التابع للمجلس الرئاسي الليبي، نتيجة سقوط قذيفة على أحد عنابر السجن، خلال الاشتباكات المسلحة التي اندلعت في مدينة طرابلس. وما يزال مصير مئات المحتجزين الآخرين مجهولًا، فيما لم يتم الكشف عن أي بيانات رسمية بشأن الواقعة. 

وفي ذات التاريخ، الرابع عشر من مايو، رصدت منظمة رصد إصابة ثلاثة مدنيين (3) على الأقل، نتيجة إطلاق نار من قِبَل مسلحين تابعين لوزارة الداخلية بحكومة الوحدة الوطنية، استهدف محتجين أثناء خروجهم في احتجاجات ضد حكومة الوحدة الوطنية في مناطق أبو سليم وطرابلس المركز بمدينة طرابلس. 

17 مايو 

في السابع عشر من مايو، رصدت منظمة رصد الاعتقال التعسفي للشاعر السنوسي محمد خميس الحمري، قرب منزله في مدينة سبها، من قِبَل مسلحين تابعين للكتيبة 110 التابعة للواء طارق بن زيادة بالقوات المسلحة العربية الليبية، وذلك على خلفية تأييده لسيف الإسلام القذافي، ويُعتقد أنه اقتيد إلى مقر جهاز الأمن الداخلي في مدينة بنغازي، التابع للحكومة الليبية المعتمدة من مجلس النواب. وأثناء اعتقاله، تعرض منزل الحمري للاقتحام من قِبَل مسلحين تابعين للواء طارق بن زياد، والتفتيش دون إجراء القانونية، كما تعرضت والدته للاعتداء بالضرب من قِبَل المسلحين ما أدى لدخولها إلى المستشفى. 

19 مايو 

وثقت منظمة رصد، في التاسع عشر من مايو، الاعتقال التعسفي لطالب اللجوء والناشط السوداني، محمد آدم أرباب (“توباك”) (24 عامًا)، من قِبَل موظفين بسفارة جمهورية السودان في طرابلس، واحتجازه قسريًا ليوم واحد داخل مكتب في مبنى السفارة، حتى تسليمه بشكل غير قانوني إلى جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية التابع لوزارة الداخلية بحكومة الوحدة الوطنية، تمهيدًا لترحيله إلى السودان، فيما ما يزال مكان احتجازه مجهول حتى الآن. 

22 مايو 

في الثاني والعشرين من مايو، سجلت منظمة رصد العثور على إحدى عشر (11) جثة تعود لمهاجرين سودانيين، بينهم نساء وأطفال، توفوا نتيجة العطش والجوع في منطقة صحراوية نائية بمدينة الكفرة، وذلك بعد إحدى عشرة يومًا من تعطل سياراتهم في إحدى ممرات الهجرة بالمدينة، وتم انتشالها من قِبَل جهاز الإسعاف والطوارئ فرع الكفرة ودفنهم بعد استكمال الإجراءات القانونية. 

24 مايو 

سجلت منظمة رصد، في السابع والعشرين من مايو، العثور على جثتيْن اثنتيْن (2) مجهولتيْ الهوية، يُعتقد أنها تعود لمهاجرين، في منطقة صحراوية نائية قرب منطقة القطرون شمال مدينة مرزق، وتم انتشالها من قِبَل الهلال الأحمر الليبي فرع مرزق، ونقلها إلى المستشفى لاستكمال الإجراءات القانونية. 

وفي ذات التاريخ، الرابع والعشرين من مايو، سجلت منظمة رصد العثور على جثة واحدة (1) مجهولة الهوية، على شاطئ البحر قرب المنطقة الأثرية في مدينة صبراتة، وتم انتشالها من قِبَل الهلال الأحمر الليبي فرع صبراتة، ونقلها إلى مستشفى صبراتة العام لاستكمال الإجراءات القانونية. 

30 مايو 

في الثلاثين من مايو، سجلت منظمة رصد العثور على ثلاثة (3) جثث مجهولة الهوية، يُعتقد أنها تعود لمهاجرين، في منطقة صحراوية نائية قرب منطقة القطرون شمال مرزق، وتم انتشالها من قِبَل الهلال الأحمر الليبي فرع مرزق ونقلها إلى المستشفى لاستكمال الإجراءات القانونية.

التوصيات

  • تطالب رصد النائب العام الليبي بفتح تحقيق مستقل وفوري وشامل في كافة الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني التي وقعت خلال الاشتباكات، بما في ذلك الهجمات العشوائية التي استهدفت المدنيين والمنشآت المدنية، والتي قد ترقى إلى جرائم الحرب. كما تشدد رصد على ضرورة محاسبة جميع الأفراد والقيادات المسؤولة عن تلك الانتهاكات، وضمان عدم إفلاتهم من العقاب، واتخاذ تدابير فعالة لمنع تكرارها. 
  • تطالب رصد النائب العام الليبي بفتح تحقيقات مستقلة وشفافة في جميع الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك القتل خارج نطاق القانون، والاعتقال التعسفي، والتعذيب داخل أماكن الاحتجاز الرسمية وغير الرسمية، وضمان محاسبة المسؤولين عنها وفقًا للمعايير الدولية للمحاكمة العادلة. 
  • تطالب رصد السلطات في غرب ليبيا بضمان حماية المتظاهرين السلميين، واحترام الحق في حرية التجمع والرأي والتعبير، كما تدعو إلى فتح تحقيق مستقل وفوري في جميع حوادث الاعتداء على المحتجين، ومحاسبة كافة الأفراد والأجهزة الأمنية المسؤولة عنها. 
  • تدعو رصد السلطات في شرق وغرب ليبيا إلى الوقف الفوري للاعتقال التعسفي والاستهداف الممنهج للمدنيين وخاصةً المعارضين والنشطاء وعائلاتهم، باعتباره انتهاكًا صارخًا للحقوق الأساسية، واستمرار هذه الممارسات يكرّس مناخ الخوف ويقوض أي جهود نحو تحقيق العدالة واحترام سيادة القانون. 
  • تجدد رصد مطالبتها للسلطات في ليبيا بتحمل المسؤولية عن إنقاذ حياة المهاجرين على طول طرق الهجرة في الصحراء وفي البحر، والتعاون مع المنظمات الدولية لإنشاء آليات فعالة للبحث والإنقاذ لوقف الخسائر في حياة المهاجرين، والعثور على المفقودين وتحديد هوياتهم، كما تطالب منظمة رصد بفتح تحقيق مستقل وشفاف للكشف عن المسؤولين عن شبكات الاتجار بالبشر وضمان محاسبة المسؤولين وفق المعايير الدولية للمحاكمة العادلة. 
  • تجدد رصد دعواتها لمكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إلى إعادة النظر في قراره بوقف التحقيقات في ليبيا بحلول نهاية عام 2025، لما قد يسهم به في ترسيخ الإفلات من العقاب خاصة في ظل عدم قدرة وعدم فاعلية وعدم رغبة القضاء الوطني بالوفاء بمسؤولياته، وفشله في تلبية متطلبات مبدأ “التكامل” مع المحكمة.  
  • تدعو رصد بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا والدول الفاعلة إلى تكثيف الضغط على جميع الأطراف لاحترام حقوق الإنسان، والعمل على تحقيق العدالة الانتقالية، وضمان كشف الحقيقة وجبر الضرر للضحايا، وإنهاء حالة الإفلات من العقاب التي تشجع على استمرار الانتهاكات.